للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليهود وعاملهم على نحو ما عامل عليه أهل خيبر، فقيل إن عمر رضي الله عنه أجلى يهودها فيمن أجلى، فقسمها بين من قاتل عليها، وقيل إنه لم يجلهم؛ لأنها خارجة من الحجاز، وهي الآن مضافة إلى عمل المدينة، وكان فتحها في جمادى الآخرة سنة سبع (١).

وهذا يدل على أن وادي القرى بعيد عن المدينة، فيقدر اليوم بما يزيد عن ١٥٠ كم، وهو العلا وما حولها، وأن إقامة أسامة لم تكن مستمرة، وذلك أن الروايات عند ابن عساكر وابن سعد وابن الأثير وغيرهم، وعنهم أخذ الزركلي في الإعلام، قد اتفقت على أن وفاته كانت في الجرف قرب المدينة، وأنه نقل إلى المدينة حيث دفن رضي الله عنه.

وعن الجرف يقول ياقوت الحموي: الجرف، بالضم والسكون، موضع على ثلاثة أميال من المدينة، نحو الشام، به كانت أموال لعمر بن الخطاب، ولأهل المدينة، وفيه بئر جشم، وبئر جمل، قالوا سمي الجرف، فقال هذا جرف الأرض، وكان يسمى الأرض، وفيه قال كعب بن مالك:

إذا ما هبطنا العرض قال سراتنا ... علام إذا لم تمنع العرض نزرع (٢)

وعن وفاته، يذكر ابن الأثير في ترجمة حياته أنه رضي الله عنه توفي آخر أيام معاوية، سنة ثمان أو تسع أو خمسين، وقيل توفي سنة أربع وخمسين، قال أبو عمر: وهو عندي أصح، وحمل إلى المدينة، وقيل توفي بعد قتل عثمان بالجرف، وحمل إلى المدينة روى عنه أبو عثمان النهدي، وعبد الله بن عبد الله بن عتبة وغيرهما (٣).

ومعلوم أن عثمان رضي الله عنه ثالث الخلفاء الراشدين قد توفي عام ٣٥ هـ، ولعل الخلاف في تاريخ الوفاة جاء من اعتزاله رضي الله عنه وتفرغه للعبادة، حيث كانت الفتنة التي عصفت بالمسلمين، ونتج عنها قتل عثمان، ثم ما وقر بأسماع الصحابة عن الفتن، والأمر بالبعد عنها، من أسباب


(١) معجم البلدان ٥: ٣٤٥.
(٢) معجم البلدان ٢: ١٢٨.
(٣) أسد الغابة ١:٨١ لعل الصواب: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة