للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علي ويرفعها، فعرفت أنه يدعو لي (١)».

كما مر بنا أنه دعا له وللحسن بن علي بالرحمة، وأن يحبهما الله، وندب الناس إلى محبته أسامة، وأوصاهم به خيرا، والسمع له والطاعة في القيادة التي أسند إمرتها إليه.

٦ - وقد عاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاب من يقومه في أمر هذا الدين الذي لا يقبل المخادعة، ولا تنقض عراه بالقرابة، وإنما هو أمر الله الذي يجب أن تستقيم به النفوس، وتتربى عليه حواس الإنسان، وذلك في موضعين؛ المرة الأولى: عندما قتل الرجل الذي قال لا إله إلا الله، حتى إن تكرار عتب رسول الله صلى الله عليه وسلم، جعل أسامة يتمنى أنه لم يستقبل الإسلام مجددا إلا يومئذ (٢).

والثانية: عندما تشفع في المرأة المخزومية التي سرقت، بعد أن أهم أمرها قريشا، فقال له صلى الله عليه وسلم: «لم تشفع في حد من حدود الله (٣)».

فكان في هذا العتاب درس لأسامة طوال حياته، ومنهج تشريعي للأمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وهكذا يجد المتتبع لكثير من المواقف التي، حصلت في عهد النبوة، أن وراء حدوثها أسرارا وحكما تفيد أمة الإسلام، في تصريف الأمور في كل موقف مماثل، وتفيد علماء الإسلام، في استنباط الأحكام الشرعية في كل أمر يعترض أبناء الإسلام، لتستقيم بذلك حياة الناس، وتنتظم أمورهم بما يتلاءم مع شرع الله؛ ولذا نرى أسامة لم يشهد مع علي رضي الله عنه شيئا من مشاهده، واعتذر إليه بما قال رسول الله حين قتل الرجل الذي قال لا إله إلا الله (٤).


(١) رواه الترمذي في مناقبه برقم ٣٨١٧، وقال: حديث حسن غريب.
(٢) راجع طبقات ابن سعد ٤: ٦٩.
(٣) راجع طبقات ابن سعد ٤: ٧٠.
(٤) البداية والنهاية ٥: ٣١٢.