للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وموافقة اللغة، لا يعتبران في قبول القراءة ورفضها. فقد توافق القراءة الرسم ولا تعتبر، وقد توافق اللغة ولا تقبل، ما دامت القراءة لم يصح سندها.

فإذا تواتر السند أصبحت القراءة قرآنا، لا مجال لردها، وفي هذه الحالة لن تخالف رسما ولن تخالف لغة؛ لأن قواعد اللغة تصحح وفقا للقرآن، ولا تصحح هي القرآن.

إن غالب الطاعنين في القراءات يرتكزون في طعنهم على قواعد اللغة، والطبري حين طعن، في القراءات، ارتكز على نفس ما ارتكزوا عليه، فيرفض أو يرجح وفق قواعد اللغة أحيانا كثيرة، أو وفق ما يتراءى له من المعنى.

أما القراءات التي تخالف الرسم فيرفضها، وهو محق في ذلك؛ لأنها مخالفة للرسوم كما يقول. ويتراءى لي أن موقف الطبري من القراءات يمكن تقسيمه إلى ثلاثة أقسام:

أولها:

طعنه في القراءات التي لا توافق قواعد لغوية حسب نظره، وهو في موقفه هذا يوافق بعض النحاة، في ردهم لبعض القراءات المتواترة.

وهاك طائفة من القراءات القرآنية التي ردها ابن جرير، وبرر رفضها تبريرا لغويا، ونحن إذ نؤيده في رده ورفضه للقراءات الشاذة- فإننا نخطئه في رده للقراءات المتواترة، والتي قرأ بها القراء السبعة، الثابتة في مصادر ومراجع علم القراءات.

ففي قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً} (١)، قرئت تجارة حاضرة بالرفع والنصب.

يقول الطبري إنه لا يستجيز القراءة بغير الرفع، في كل من الكلمتان، ويرفض قراءة النصب، وإن كانت متواترة، وقد قرأ بها عاصم (٢) وفي قوله


(١) سورة البقرة الآية ٢٨٢
(٢) النشر ٢/ ٢٣٧.