للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما خط الكتاب بكف يوما يهودي يقارب أو يزيل فكيف بالمفعول في أفصح كلام، ولكن وجهها على ضعفها، أنها وردت شاذة في بيت أنشده أبو الحسن الأخفش:

فزججته بمزجة ... زج القلوص أبي مزادة

هذا هو كلام ابن عطية، في قراءة ابن عامر، أما أبو حيان فقد تولى الرد على ابن عطية بقوله: " ولا التفات إلى قوله "، ثم انتقل إلى اعتراض الزمخشري، على هذه القراءة، بقوله " ولا التفات إلى قول الزمخشري: إن الفصل بينهما، يعني بين المضاف والمضاف إليه، لو كان في مكان الضرورات، وهو الشعر، لكان سمجا مردودا، فكيف به في القرآن المعجز لحسن نظمه وجزالته " (١).

قال أبو حيان: " وأعجب لعجمي، ضعيف في النحو، يرد على عربي صريح، محض قراءة متواترة، يوجد نظيرها في لسان العرب في غير ما بيت ".

نجد الإمام أبا حيان، أثناء دفاعه عن القراءة، ينحو إلى الدفاع عن القارئ، ذاكرا ما فيه من عدل وضبط، ثم ينتقل إلى الدفاع عن القراءة، من حيث إنها جاءت عن رب العزة، بالنقل المتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا مجال للأخذ والرد، وإنما التسليم والقبول. ثم ينتقل إلى تقوية القراءة، من جهة العربية، فيحشد هذه الأدلة، من أقوال النحاة، واللغات التي لها سبيل إلى تلك القراءة، وهاك قوله في هذه القراءة: قال الله تعالى: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} (٢).

يقول أبو حيان قرأ الجمهور (معايش)، وهو القياس؛ لأن الياء في المفرد هي أصل، لا زائدة فتهمز، وإنما تهمز الزائدة؛ نحو صحائف في صحيفة.

ثم بين الوجه الثاني من قراءة (معايش)، وهو بالهمز بدل الياء، يقول في


(١) البحر المحيط ٤/ ٢٣٠.
(٢) سورة الأعراف الآية ١٠