للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤ - الشفعة فيما انتقل إلى الغير بعوض غير مسمى

إذا انتقل ما يجب فيه الشفعة للغير بعوض غير مسمى فقد ذهب الحنفية إلى نفي الشفعة فيه قال في الهداية: ولا شفعة في الدار التي يتزوج الرجل عليها أو يخالع المرأة بها أو يستأجر بها دارا أو غيرها أو يصالح بها عن دم عمد أو يعتق عليها عبدا لأن الشفعة عندنا إنما تجب في مبادلة المال بالمال لما بينا. وهذه الأعواض ليست بأموال فإيجاب الشفعة فيها خلاف المشروع وقلب الموضوع - إلى أن قال - أو يصالح عنها بإنكاره. . . لأنه يحتمل أنه بذل المال افتداء ليمينه وقطعا لشغب خصمه كما إذا أنكر صريحا. أهـ (١).

وذهب المالكية إلى اثباتها قال في المدونة: قلت أرأيت إن تزوجت على شقص من دار أو خالعت امرأتي على شقص من دار أيكون في ذلك الشفعة في قول مالك؟ قال: نعم، مثل النكاح والخلع. قلت فبماذا يأخذ الشفيع في الخلع والنكاح والصلح في دم العمد الشقص؟ قال: أما في النكاح والخلع فقال لي مالك يأخذ الشفيع الشقص بقيمته وأرى الدم العمد مثله يأخذه بقيمته أهـ (٢).

وذهب الشافعية إلى ثبوت الشفعة فيما أخذ بعوض غير مالي قال الشربيني على قول صاحب المنهاج: وإنما تثبت في ملك بمعاوضه ملكا لازما متأخرا عن ملك الشفيع كمبيع ومهر وعوض خلع وصلح دم ونجوم وأجرة ورأس مال مسلم. قال: بمعاوضة محضة كالبيع أو غير محضة كالمهر، أما البيع فبالنص والباقي بالقياس عليه بجامع الاشتراك في المعاوضة مع لحوق الضرر أهـ (٣).

وأما الحنابلة فالصحيح من المذهب أنه لا شفعة فيه لأنه مملوك بلا مال أشبه الموهوب والموروث ولأنه يمتنع أخذه بمهر المثل وبقيمته لأنها ليست عوض الشقص.

قال المرداوي: قوله ولا شفعة فيما عوضه غير المال كالصداق وعوض الخلع والصلح عن دم العمد في أحد الوجهين، وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والتلخيص والمحرر والرعاية الكبرى والفروع والفائق وظاهر الشرح الإطلاق، أحدهما: لا شفعة في ذلك وهو الصحيح من المذهب، قال في الكافي: لا شفعة فيه في ظاهر المذهب. قال الزركشي: هذا أشهر الوجهين عن القاضي وأكثر أصحابه، قال ابن منجا: هذا أولى.

قال الحارثي: أكثر الأصحاب قال بانتفاء الشفعة منهم أبو بكر وابن أبي موسى وأبو علي بن شهاب والقاضي وأبو الخطاب في رؤوس المسائل وابن عقيل والقاضي يعقوب والشريفان أبو جعفر وأبو القاسم الزبدي والعكبري وابن بكروس والمصنف وهذا هو المذهب ولذلك قدمه في السنن. أهـ وهو ظاهر كلام الخرقي وصححه في التصحيح والنظم وجزم به في العمدة والوجيز والمنور والحاوي الصغير وغيرهم وقدمه في المغني والشرح


(١) الهداية جـ ٤ ص ٣٥ - ٣٦.
(٢) المدونة جـ ٥ ص ٤٤١.
(٣) مغني المحتاج جـ ٢ ص ٢٩٨.