للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: أن الله سبحانه قال: (فدية مسلمة) - وقد اختلف الناس في دية الكافر فمنهم من جعلها كدية المسلم، وهو أبو حنيفة وجماعة، ومنهم من جعلها على النصف وهو مالك وجماعة، ومنهم من جعلها ثلث دية المسلم، وهو الشافعي وجماعة والدية المسلمة هي الموفرة.

قال القاضي: والذي عندي أن هذه الجملة محمولة على ما قبلها حمل المطلق على المقيد وهو أصل من أصول الفقه اختلف الناس فيه. وقد أتينا فيه بالعجب في المحصول، وهو عندي لا يلحق إلا بالقياس عليه.

والدليل على حمل هذه الجملة على التي قبلها أمران: أحدهما: أن الكفارة إنما هي لأنه أتلف شخصا عن عبادة الله فيلزمه أن يخلص آخر لها.

والثاني: أن الكفارة إنما هي زجر عن الاسترسال وتقاة للحذر وحمل على التثبت عند الرمي وهذا إنما هو في حق المسلم. وأما في حق الكافر فلا يلزم فيه مثل هذا. ونحرر هذا قياسا فنقول: كل كافر لا كفارة في قتله (كالمستأمن وقد اتفقنا على أنه لا كفارة في قتله) ولا عذر لهم عنه به احتفال.

المسألة الخامسة عشرة: إذا أثبت أن المذكور في هذه الجملة هو المؤمن. فمن قتل كافرا خطأ وله عهد ففيه الدية إجماعا.

وقد اختلفوا فيه كما تقدم، وهو أصل بديع في رفع الدماء ونحن: نمهد فيه قاعدة قوية فنقول: مبنى الديات في الشريعة على التفاضل في الحرمة والتفاوت في المرتبة؛ لأنه حق مالي يتفاوت بالصفات بخلاف القتل؛ لأنه لما شرع زجرا لم يعتبر فيه ذلك التفاوت. فإذا ثبت هذا نظرنا إلى الدية فوجدنا الأنثى تنقص فيه عن الذكر ولا بد أن يكون للمسلم مزية على الكافر فوجب ألا يساويه في ديته.