للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا يعودون صالحين لأن يضيئوا لمن خلفهم وكم من الناس أطفأ بترخصه نوره الذي آتاه الله، وكم من الناس نزل أكثر من ذلك ليصح فيه قول الله {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} (١) {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ} (٢).

ولئن كانت الأخلاق سببا ناجحا للدعوة، فالمواقف والمثل سبب أنجح.

ولننظر من القديم. . غلام كان موقفه سببا في إيمان أمه حين قتل الغلام (الراهب) وقتل (جليس الملك) وجرب الملك مع الغلام وسيلتين للقتل فنجا منهما فدعا الملك أن يربطه بجذع نخلة ويجمع شعبه كله في صعيد واحد ثم يطلق السهم ويقول باسم الله رب الغلام ففعل الملك المقالة وأصاب السهم صدغ الغلام فسقط شهيدا فقال الناس أجمعون: أمنا بالله رب الغلام ولم يكن موقف الغلام دافعا إلى إيمان أمته فحسب، بل دفعها إلى الإصرار على هذا الإيمان حين شق لهم الملك الأخاديد وأضرمها بالنيران وخير شعبه بين الرجوع عن دينهم أو الإلقاء في النار، ففضلوا جميعا أن يلقوا في النيران على أن يرجعوا عن الحق الذي آمنوا به وخلد القرآن قصتهم في سورة البروج {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ} (٣) {النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ} (٤) {إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ} (٥) {وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ} (٦) {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (٧).

وفي الزمن الحديث أيضا خلد الدعوة الإسلامية في مصر قتل حسن البنا سنة ١٩٤٩ سنة ١٣٦٨ هـ، وقتل عبد القادر عودة ومن معه سنة ١٣٧٤ هـ - ١٩٥٥م. وقتل سيد قطب ومن معه سنة ١٩٦٦م ١٣٨٥ هـ.


(١) سورة الأعراف الآية ١٧٥
(٢) سورة الأعراف الآية ١٧٦
(٣) سورة البروج الآية ٤
(٤) سورة البروج الآية ٥
(٥) سورة البروج الآية ٦
(٦) سورة البروج الآية ٧
(٧) سورة البروج الآية ٨