للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتفيد هاتان الآيتان كما فهمها الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعون وجمهور المسلمين الأحكام التالية:

١ - إباحة تعدد الزوجات حتى أربع كحد أعلى.

٢ - أن التعدد مشروط بالعدل بين الزوجات، ومن لم يكن متأكدا من قدرته على تحقيق العدل بين زوجاته فإنه لا يجوز له أن يتزوج بأكثر من واحدة. ولو تزوج الرجل بأكثر من واحدة وهو واثق من عدم قدرته على العدل بينهن فإن الزواج صحيح وهو آثم.

٣ - العدل المشروط في الآية الأولى هو العدل المادي في المسكن والمأكل والمشرب والملبس والمبيت والمعاملة.

٤ - تضمنت الآية الأولى كذلك شرطا ثالثا هو القدرة على الإنفاق على الزوجة الثانية وأولادها، كما يظهر في تفسير قوله تعالى: {أَلَّا تَعُولُوا} (١) أي: لا تكثر عيالكم فتصبحوا غير قادرين على تأمين النفقة لهم، والأرجح أن العول الجور.

٥ - تفيد الآية الثانية أن العدل في الحب والميل القلبي بين النساء غير مستطاع، وأنه يجب على الزوج ألا ينصرف كلية عن زوجته فيذرها كالمعلقة، فلا هي ذات زوج ولا هي مطلقة، بل عليه أن يعاملها بالحسنى حتى يكسب مودتها، وإن الله لا يؤاخذه على بعض الميل إلا إذا أفرط في الجفاء، ومال كل الميل عن الزوجة الأولى (٢).

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدل كل العدل في الأمور المادية بين زوجاته ولكنه صلى الله عليه وسلم كان يميل عاطفيا إلى زوجته السيدة عائشة - رضي الله عنها- أكثر من بقية زوجاته، وكان عليه الصلاة والسلام يبرر ميله القلبي هذا بقوله: «اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك (٣)» وقد زعم بعض من ليس له علم بالشريعة الإسلامية أن القرآن الكريم منع تعدد


(١) سورة النساء الآية ٣
(٢) مصطفى السباعي: المرأة بين الفقه والقانون بيروت ١٩٨٢م ص-٩٧ - ٩٨.
(٣) سنن الترمذي بيروت ١٣٩٤هـ، جـ٣ ص ٣٠٤، سنن أبي داود، جـ١ ص ٣٣٣.