للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث السابع: قضاء سجود الشكر:

اختلف أهل العلم فيمن حصلت له نعمة أو بشر بها، أو اندفعت عنه نقمة فلم يتمكن من سجود الشكر في وقته، أو نسي أن يسجد ثم أراد أن يسجد بعد ذلك قضاء لما فاته من سجود الشكر، اختلفوا في ذلك على قولين:

القول الأول: أنه يجوز له قضاء هذا السجود الذي فاته.

القول الثاني: أنه يشرع القضاء إن كان الفصل قصيرا، أما إن طال الفصل فلا، وهذا هو المشهور من مذهب الشافعية (١).

واستدل أصحاب هذا القول بأن السجود متعلق بسبب عارض، لا يفعل إلا عند وجوده، فلا يجوز فعله إذا طال الفصل بعد وجود سببه، لأنه قد فات وقته، كصلاة الكسوف، ولأن السجود المجرد لا يجوز فعله ابتداء بغير سبب، فلا يشرع قضاؤه.

واستدل أصحاب القول الأول بالقياس على صلاة النافلة، فكما أنه يشرع قضاء صلاة النافلة، فكذلك سجود الشكر (٢)، فقد روى أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره (٣)»

وروى قيس بن عمرو -رضي الله عنه- قال: «رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلا يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال رسول صلى الله عليه وسلم: صلاة الصبح ركعتان؟، فقال الرجل: إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما، فصليتهما الآن،


(١) المجموع ١/ ٦٩، روضة الطالبين ١/ ٣٢٣، ٣٢٦، المغني ٢/ ٣٥٩، ٣٧١، ٣٧٢.
(٢) المجموع ٤/ ٦٩، وانظر الغاية القصوى ١/ ٣٠٩.
(٣) رواه أبو داود (١٤٣١)، والحاكم ١/ ٣٠٢، والبيهقي ٢/ ٤٨٠ من طريق عثمان بن سعيد عن أبي غسان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد فذكره، وإسناده صحيح، وصححه الشيخ محمد ناصر الدين في الإرواء ٢/ ١٥٣.