للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلق الإنسان أقل شأنا من خلق السماوات والأرض، ومن ثم فإن الله القادر على خلق السماوات والأرض لا يعجزه خلق الإنسان- الذي هو جزء من هذا الكون- وإعادته: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} (١) {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (٢) {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (٣) فأخبر سبحانه أن الذي أبدع السماوات والأرض على جلالتها، وعظم شأنها، وكبر أجسامها وسعتها، وعجيب خلقهما، أقدر على أن يخلق عظاما كانت رميما فيردها إلى حالتها الأولى كما قال تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (٤)، وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (٥).

٥ - ومن الأدلة على إمكانية البعث ما أشار إليه القرآن من قدرة الله تعالى على إخراج الأشياء من أضدادها. فإذا كانت الحياة ضد الموت، والبعث ضد الفناء، فإن الله الذي يخرج الضد ممن ضده قادر على إحداثه، كما ورد في قوله تعالى: {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (٦)، فالله هو الذي يخرج الإنسان الحي من النطفة، ويخرج النطفة الميتة من الإنسان الحي، وكذلك الأنعام والبهائم، فالنطفة ميتة ثم ينشئ الله منها إنسانا حيا، ومن الإنسان الحي تخرج النطفة الميتة" (٧) ومن ذلك أيضا قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} (٨)


(١) سورة يس الآية ٨١
(٢) سورة يس الآية ٨٢
(٣) سورة يس الآية ٨٣
(٤) سورة غافر الآية ٥٧
(٥) سورة الأحقاف الآية ٣٣
(٦) سورة آل عمران الآية ٢٧
(٧) مختصر تفسير الطبري (اختصار وتحقيق محمد علي الصابوني. وصالح أحمد رضا. جـ ١ ص: ١٠٠.
(٨) سورة الأنعام الآية ٩٥