للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الحكمي - رحمه الله - تعالى (١):

ويجمع الخلق ليوم الفصل ... جميعهم علويهم والسفلي

في موقف يجل فيه الخطب ... ويعظم الهول به والكرب

وأحضروا للعرض والحساب ... وانقطعت علائق الأنساب

وارتكمت سحائب الأهوال ... وانعجم البليغ في المقال

وعنت الوجوه للقيوم ... واقتص من ذي الظلم للمظلوم

كلهم في الموقف على حسب أعمالهم، لا على حسب ما كانوا عليه من الملك والسلطان والغنى والجاه، ذهبت الدنيا وما فيها، نزع الملك عن ملوك الأرض، وذهب الكبر والتجبر، كل يتطلع إلى ما سيكون من أمره، وما هم فيه من الهول العظيم والفزع الأكبر، والجن والملائكة والوحوش والدواب والطير، كل المخلوقات في الأمر سواء، ينتظرون ماذا سيحل بهم.

ولكن يا لهول مطلع الشمس التي تقترب من الرءوس؛ لتميز الخبيث من الطيب بإذاقته، وإلجامه بالعرق.

عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (٢) قال: «يوم يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه (٣)». فمن شدة حرارة الشمس لدنوها من الخلائق وكثرة الخلائق يكثر العرق وحتى يذهب في الأرض سبعين ذراعا. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين


(١) معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول ١/ ٢٣٩، ٢٤٧، ٢٥١.
(٢) سورة المطففين الآية ٦
(٣) رواه البخاري في صحيحه كتاب الرقاق، باب ٤٧، حديث ٦٥٣١، ورواه مسلم في صحيحه كتاب الجنة وصفة نعيمها (١٥) صفة يوم القيامة، حديث ٢٨٦٢، ورواه الإمام أحمد في المسند حديث ٥٨٢٣ تحقيق أحمد محمد شاكر.