للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في ذلك الوقت وهو الشيخ محمد مصطفى المراغي، الذي تحمس لترجمته تحمسا منقطع النظير، ونشر بحثا عن ترجمة القرآن الكريم وأحكامها، وقدم لهذا البحث بكلام للإمام الشاطبي في كتاب الموافقات يفيد أن اللغة العربية من حيث هي ألفاظ دالة لها معنيان: أولي، وثانوي، فالأولي كقيام زيد الذي لا يمكن أن تختلف في التعبير عنه لغة من اللغات، والثانوي ما يزيد على ذلك من الاهتمام بالقيام وحده، أو بالقائم، أو إجابة السائل، أو الرد على المنكر، أو غير ذلك من الأسرار البلاغية التي تقتضيك التعريف أو التنكير، والتقديم أو التأخير، وما شاكل ذلك من الأساليب التي توجبها الحال، وتحتمها المناسبة، فالمعاني الأولية لا يمكن أن تفسدها الترجمة، ولا أن يشوهها النقل، ولا أن تطول فيها مسافة الخلف بين اللفظ والمعنى، والمعاني الثانوية هي التي يتفاوت في دقة تصويرها، وروعة التعبير عنها، وجمال أسلوبها، فحول البلغاء أو أساطين الكلام، كما تختلف في نقلها وصوغ الألفاظ المعبرة عنها اللغات، وعلى هذا فالمعاني الأولية في القرآن يمكن ترجمتها إلى أية لغة من اللغات، وأما المعاني الثانوية فلا. .، ونحن نعلم أن المعاني الأولية في أي كلام لا اعتبار لها، ولا ميزة فيها، وأن الاعتبار كله، والميزة البارزة، في الذي يسميه البلغاء بالمعاني الثانوية، وهي مجال الفحولة، ومناط الإعجاز.

وبعد حديث الشيخ في بحثه عن إمكان ترجمة القرآن تعرض لشبه الناس في الترجمة وتولى الرد عليهم، كما تحدث عن جواز الصلاة بالترجمة، وكذلك تحدث عن كتابة التراجم وقراءتها، والمراد من الترجمة وغير ذلك من الموضوعات التي لا داعي لذكرها هنا.