للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأسعار؛ وذلك لأنها المقياس والميزان الحاكم في تقدير الأشياء من قيم السلع، وأروش الجناية، وضمان المتلفات، فهي وسيلة التبادل ومقياس القيم، فلا بد من ثباتها لتحقيق العدالة المنشودة في عملية التبادل، ومن أنصار هذا الرأي:

الغزالي: قال - رحمه الله - في كتاب الشكر من الإحياء بعد أن تحدث عن صعوبات المقايضة: فافتقرت هذه الأعيان المتنافرة المتباعدة - السلع - إلى متوسط يحكم بينها بالعدل فيعرف من كل منها رتبته ومنزلته، فإذا تقررت المنازل وترتبت الرتب علم بعد ذلك المساوي من غير المساوي، فخلق الله جل وعلا الدراهم والدنانير حاكمين متوسطين بين سائر الأموال حتى تقدر الأموال بهما، فيقال هذا الجمل يساوي مائة دينار، وإنما أمكن التعديل بالنقدين إذ لا غرض في أعيانهما وهما عزيزان في نفسيهما ونسبتهما إلى الأشياء نسبة واحدة فمن ملكهما فكأنه (١) ملك كل شيء، وهو معنى ثبات قيمة النقود.

وقال أحد المعاصرين إن الغزالي يرى أنه من الظلم اختلاف قيم النقود وتباينها في الجودة والرداءة، وإن شكر الله سبحانه يقتضي عدم تغيير قيمة النقد الذي هو واسطة التبادل ومقياس قيم الأشياء وكل ما من شأنه تغيير تلك القيمة فهو تعد لحدود الله (٢) {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} (٣) (الطلاق - ١).

ابن قيم الجوزية: قال - رحمه الله -: فإن الدينار والدرهم أثمان المبيعات، والثمن هو المعيار الذي يعرف به تقويم الأموال فيجب أن يكون محدودا مضبوطا لا يرتفع ولا ينخفض، إذ لو كان الثمن يرتفع وينخفض كالسلع لم يكن لنا ثمن


(١) إحياء علوم (١/ ٩١).
(٢) السياسات الاقتصادية في الإسلام د. محمد عبد المنعم عفر / ١٢٢ طبع اتحاد البنوك الإسلامية.
(٣) سورة الطلاق الآية ١