للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرخص للنقود إنما هو باعتبار نسبتها للذهب والفضة ولكن فروعهم لا تمنع شمول مفهوم الرخص والغلاء لاختلاف القوة الشرائية للنقد ضمن الإطار العام لنظرية الربا في الشريعة الإسلامية ولذا فلا أجد فارقا جوهريا بين اختلاف القوة الشرائية للنقود وبين اختلاف قيمتها بالنسبة للذهب والفضة، والفرد العادي في حياته اليومية لا يتأثر إلا باختلاف القوة الشرائية للنقد لاختلاف سعره بالنسبة للذهب، والمسألة التي نتعرض لها هنا هي إذا تغيرت قيمة النقد غلاء أو رخصا بعد ثبوته في ذمة المدين قرضا أو ثمن مبيع وقبل أدائه فللفقهاء في المسألة ثلاثة أقوال:

١ - جمهور الفقهاء ٢ - قول أبي يوسف ٣ - وجه مرجوح عند المالكية.

القول الأول الجمهور من الشافعية والحنابلة والمشهور عند المالكية وأبي حنيفة.

وهو أنه لا يجب إلا النقد المحدد في العقد وليس للدائن سواه، وكان أبو يوسف يرى هذا الرأي موافقة لإمامه ثم رجع عنه، قال في البدائع: (ولو لم تكسد ولكنها رخصت قيمتها أو غلت لا ينفسخ البيع إجماعا وعلى المشتري أن ينقد مثلها عددا ولا يلتفت إلى القيمة هنا لأن الرخص والغلاء لا يوجب بطلان الثمنية ألا ترى أن الدراهم قد ترخص وتغلو وهي على حالها أثمان) (١)، وفي حديثه عن القرض قال: (ولو لم تكسد ولكنها رخصت أو غلت فعليه رد مثل ما قبض)، وقال في البحر بعد كلامه عن الكساد والانقطاع: (ولو نقصت قيمتها قبل القبض فالبيع على حاله بالإجماع، ولا يتخير البائع وعكسه لو غلت قيمتها وازدادت فكذلك البيع على حاله ولا يتخير المشتري ويطالب بالمعيار الذي كان عند البيع (٢).


(١) بدائع الصنائع ٧/ ٣٢٤٥.
(٢) البحر الرائق ٦/ ٢١٩.