للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالإسلام جاء ليحارب هؤلاء ويقضي عليهم ليقيم دولة صالحة بقيادة صالحة يؤثرون حق الله وإنصاف الناس ويرضون بما يرضى به إخوانهم ولا يتجبرون ولا يتكبرون بل ينصفون إخوانهم ويسعون في صلاحهم وفلاحهم ويحكمون بينهم بالعدل، ويشتركون معهم في الخيرات ولا يستبدون بها عنهم هكذا بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بدين شامل ونظام عادل وشرائع مستقيمة، تكسح نظم الفساد وتزيل أحكام الطغاة وتقضي على طرق الفساد وأخلاق المفسدين وتوجب على المسلمين اتباع هذا النظام المنزل في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما توجب عليهم هذه الشريعة أن يتخلقوا بالعدل والإنصاف وأن يستقيموا على ما شرعه الله لهم وأن يحافظوا على ذلك، وأن ينصف بعضهم بعضا وأن يؤدي الأمانة بعضهم لبعض، وأن يحكموا فيما بينهم بشرع الله وأن يحاربوا الفساد والضلال وطرق الغي والغواية.

فلما هاجر عليه الصلاة والسلام واستقر به القرار في المدينة المنورة أمره الله بالتقوى وتطهيرها من الفساد وأهل الفساد وعمارتها بالمصلحين والصالحين، فلما استقر به القرار في هذه البلاد المقدسة، وحوله الأنصار والمهاجرون، استمر في الدعوة عليه الصلاة والسلام ونشر ما بعثه الله به من الهدى، وأذن الله له ولأصحابه في القتال والجهاد، وأنزل في ذلك قوله سبحانه: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (١) ففي هذه الآية أذن لهم في الجهاد لأنهم مظلومون.

والمقصود أن الله جل وعلا أذن لهم بالقتال والجهاد، ثم فرض الله ذلك سبحانه وتعالى وأوجبه بقوله جل وعلا {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} (٢) الآية، وأوجب عليهم سبحانه


(١) سورة الحج الآية ٣٩
(٢) سورة البقرة الآية ٢١٦