للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهي مخصوصة بأهل الكتاب ونحوهم، فلا يكرهون إذا أدوا الجزية، وهكذا من ألحق بهم من المجوس وغيرهم إذا أدوا الجزية فلا إكراه، ولأن الراجح لدى أئمة الحديث والأصول أنه لا يصار إلى النسخ مع إمكان الجمع، وقد عرفت أن الجمع ممكن بما ذكرنا.

فإن أبوا الإسلام والجزية قوتلوا كما دلت عليه الآيات الكريمات الأخرى.

والآية الثالثة التي تعلق بها من قال: إن الجهاد للدفاع فقط - قوله تعالى في سورة النساء {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} (١) قالوا: من اعتزلنا وكف عنا لم نقاتله.

وقد عرفت أن هذا كان في حال ضعف المسلمين أول ما هاجروا إلى المدينة ثم نسخت بآية السيف وانتهى أمرها أو أنها محمولة على أن هذا كان في حالة ضعف المسلمين، فإذا قووا أمروا بالقتال كما هو القول الآخر كما عرفت وهو عدم النسخ.

وبهذا يعلم بطلان هذا القول وأنه لا أساس له ولا وجه له من الصحة، وقد ألف بعض الناس رسالة افتراها على شيخ الإسلام ابن تيمية وزعم أنه لا يرى القتال إلا لمن قاتل فقط، وهذه الرسالة لا شك أنها مفتراة وأنها كذب بلا ريب، وقد انتدب لها الشيخ العلامة سليمان بن سحمان -رحمة الله عليه- ورد عليها منذ أكثر من خمسين سنة، وقد أخبرني بذلك بعض مشايخنا، ورد عليه أيضا أخونا العلامة الشيخ سليمان بن حمدان رحمه الله القاضي سابقا في المدينة المنورة كما ذكرنا آنفا، ورده موجود بحمد الله، وهو رد حسن واف بالمقصود، فجزاه الله خيرا.

وممن كتب في هذا أيضا أخونا الشيخ صالح بن أحمد المصوعي - رحمه الله- فقد كتب فيها رسالة صغيرة، فند فيها هذه المزاعم وأبطل ما قاله هؤلاء الكتبة بأن الجهاد في الإسلام للدفاع فقط.

وصنف أيضا أخونا العلامة أبو الأعلى


(١) سورة النساء الآية ٩٠