للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجهين، وقال أحمد: ما يعجبني أن يأخذ على القضاء أجرا، وإن كان فبقدر شغله مثل والي اليتيم.

وكان ابن مسعود والحسن يكرهان الأجر على القضاء، وكان مسروق وعبد الرحمن بن القاسم بن عبد الرحمن لا يأخذان عليها أجرا، وقالا: لا نأخذ أجرا على أن نعدل بين اثنين، وقال أصحاب الشافعي: إن لم يكن متعينا جاز له أخذ الرزق عليه، وإن تعين لم يجز إلا مع الحاجة.

والصحيح جواز أخذ الرزق عليه بكل حال، لأن أبا بكر رضي الله عنه لما ولي الخلافة فرضوا له الرزق كل يوم درهمين، ولما ذكرناه من أن عمر رزق زيدا وشريحا وابن مسعود، وأمر بفرض الرزق لمن تولى من القضاة، ولأن بالناس حاجة إليه، ولو لم يجز فرض الرزق لتعطل وضاعت الحقوق.

فأما الاستئجار عليه فلا يجوز، قال عمر رضي الله عنه: لا ينبغي لقاضي المسلمين أن يأخذ على القضاء أجرا، وهذا مذهب الشافعي ولا نعلم فيه خلافا، وذلك لأنه قربة، يختص فاعله أن يكون في أهل القربة فأشبه الصلاة، ولأنه لا يعلمه الإنسان عن غيره، وإنما يقع عن نفسه فأشبه الصلاة، ولأنه عمل غير معلوم، فإن لم يكن للقاضي رزق، فقال للخصمين: لا أقضي بينكما حتى تجعلا لي رزقا عليه جاز، ويحتمل أن لا يجوز، أهـ.

وفي الشرح الكبير على المقنع مثله.

وقال الشيخ أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي في كتابه الإنصاف: (١).

وقوله: (ولا يجوز لمن تعينت عليه أخذ الأجرة عليها).

وهو المذهب مطلقا، قال في الفروع: (ويحرم في الأصح أخذ أجرة وجعل، وجزم به في الوجيز، ومنتخب الآدمي، والهداية، والمذهب، والخلاصة.

وقدمه في المحرر، والنظم، والرعايتين، والحاوي.


(١) صـ٦ - ٧ من جـ ١٢ من الإنصاف.