للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ} (١) الآيات، وأمثالها من الآيات تنوع في الأسلوب إفرادا وجمعا في خلق عيسى ومخاطبته وقبل خلقه، ومن هذا يتبين أن الأسلوب ما تغير بعد خلق عيسى عليه السلام ليكون دليلا على بنوته لله أو إلهيته بل لأمر آخر يعرف من الوجه الثاني.

الوجه الثاني: أن كل من عرف لغة العرب وأسلوبهم في التعبير يعلم أن ضمير التكلم مثل كلمة (أنا)، وتاء المتكلم يستعملها الفرد في الحديث عن نفسه، أما ضمير التكلم لفظ، (نحن)، و (نا)، فيستعملها الاثنان فأكثر، وقد يستعملها الفرد العظيم أو المتعاظم إشعارا لعظمته وسياق الكلام ومقتضى الحال وما احتف بالحديث من القرائن هو الذي يرشد القارئ والسامع إلى المراد ويعين المقصود، ومن خالف في ذلك فهو إما جاهل عميت عليه الأنباء، وإما معاند يريد التلبيس وتحريف الكلم عن مواضعه، اتباعا للهوى، ويأبى الله إلا أن يحق الحق بكلماته ولو كره المجرمون، يكشف ذلك الوجه الثالث.

الوجه الثالث: أن القرآن كتاب أحكمت آياته، ثم فصلت من لدن حكيم خبير، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، يفسر بعضه بعضا، ويصدق بعضه بعضا، وقد قال تعالى فيه: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا} (٢) {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا} (٣) {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} (٤) {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} (٥) {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} (٦) {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} (٧)


(١) سورة المائدة الآية ١١٠
(٢) سورة مريم الآية ٨٨
(٣) سورة مريم الآية ٨٩
(٤) سورة مريم الآية ٩٠
(٥) سورة مريم الآية ٩١
(٦) سورة مريم الآية ٩٢
(٧) سورة مريم الآية ٩٣