للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأشياء بالنسبة لها متساوية من جهة اقتضائها لوجود المخلوقات وتشريع المأمورات والمنهيات وهو خلاف ما عليه السلف الصالح من أنه يخلق ويشرع لحكمة عظيمة وغاياته محمودة سامية وعلى ذلك دل كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام قال تعالى: {مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} (١) وقال سبحانه: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} (٢) وقال جل شأنه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (٣) وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (٤) وقال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (٥) وقال سبحانه: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (٦) فقد علل الله خلقه كما علل أمره مما يدل أنه يخلق لحكمة كما أنه يشرع لحكمة، كما أنه يلزم من ذلك أن يكون خلق الجماد مثل خلق الإنس والجن وخلق الأنبياء مثل خلق فساق الخلق وخلق آدم كخلق إبليس، وأن يكون التوحيد في الفضل كالصلاة والصيام، وهكذا دواليك، ومنتهى ذلك أنه لا فرق بين العلم والجهل ولا الطاعة والمعصية؛ لأنها بالنسبة للمشيئة سيان، وأن العالم والجاهل سيان، وهكذا لازم ذلك أن القبح والحسن متساويان والمأمور والمحظور متساويان، وليس في واقع الأمر لا حسن ولا قبح ولا مأمور ولا محظور (٧)


(١) سورة الأحقاف الآية ٣
(٢) سورة النساء الآية ١٦٥
(٣) سورة الذاريات الآية ٥٦
(٤) سورة البقرة الآية ١٨٣
(٥) سورة التوبة الآية ١٠٣
(٦) سورة العنكبوت الآية ٤٥
(٧) انظر شذرات البلاتين ص (١/ ٢٤٧).