للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم كتبت فتوى في جواز نقل عيون الموتى لترقيع قرنية الأحياء

قامت بمصر مؤسسة علمية اجتماعية تسمى دار الإبصار تأسست في شهر يناير ١٩٥١ م، ومن أغراضها إيجاد مركز لجمع العيون التي تصلح لعملية ترقيع القرنية وتوفيرها وإيجاد المواد الأخرى اللازمة لهذه العملية الخاصة باسترداد البصر وتحسينه وتوزيع العيون الواردة إلى الدار على الأعضاء وطلبت الدار من مصلحة الطب الشرعي بتاريخ ٣١ أكتوبر ١٩٥١ م السماح لها بالحصول على العيون اللازمة لهذه العملية من دار فحص الموتى الملحقة بمصلحة الطب الشرعي ونظرا إلى أن الجثث التي تنقل إلى دار فحص الموتى للتشريح لمعرفة أسباب الوفاة كلها خاصة بحوادث جنائية طلبت المصلحة بكتابها المؤرخ ١٨/ ٢ / ١٩٥٢ م من قسم الرأي المختص إبداء الرأي في هذا الطلب من الوجهة القانونية فأرسل إلينا مستشار الدولة كتاب القسم المؤرخ ٣ أبريل ١٩٥٢ برقم ١٠٣ المتضمن طلب بيان الحكم الشرعي في هذا الموضوع وأضاف إلى ذلك أن بالولايات المتحدة معاهد مؤسسة دار الإبصار المصرية تقوم بجمع عيون الموتى وتوزيعها على من يطلبها من الأطباء بعد التأكد من صلاحيتها فنيا لعملية الترقيع القرني وكذلك في إنجلترا وفرنسا وجنوب إفريقيا وبعض بلدان أوربا تشريعات خاصة لتسهيل الحصول على هذه العيون وقد اطلعنا على قانون دار الإبصار وعلى الكتب المشار إليها وعلى بحث ضاف في هذا الموضوع لسعادة الدكتور محمد صبحي باشا طبيب العيون الشهير.

ج: إنه واضح مما ذكر أن الباعث على طلب هذه المؤسسة الحصول على عيون بعض الموتى إنما هو التوصل بها فنيا إلى دفع الضرر الفادح عن الأحياء المصابين في أبصارهم وذلك مقصد عظيم تقره الشريعة الإسلامية بل تحث عليه، فإن المحافظة على النفس من المقاصد الكلية الضرورية للشريعة الغراء، فإذا ثبت علميا أن ترقيع القرنية لهذه العيون هو الوسيلة الفنية لدرء خطر العمى أو ضعف البصر عند الإنسان يجوز شرعا نزع عيون بعض الموتى لذلك بقدر ما تستدعيه الضرورة لوجوب المحافظة على النفس، ولذا تقررت مشروعية التداوي من الأمراض محافظة على النفس من الآفات، فقد تداوى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما ألم به من الأمراض وأمر الناس بالتداوي لإزالة العلل والآلام فيما هو أقل شأنا مما نحن بصدده وذلك يستلزم مشروعية وسائله وجواز استعمال ما تقتضيه ضرورة التداوي والعلاج ولو كان محظورا شرعا إذا لم يقم غيره مما ليس بمحظور مقامه في نفعه بأن تعين التداوي به، على أن الواجب شرعا على الأمة أن تختص منها طائفة بالطب والعلاج بقدر ما تستدعيه حاجتها وبحسب تنوع أمراضها، فيجب أن يكون فيها أطباء في كل فروع الطب ومنهم أطباء العيون سدا لحاجة الأمة في هذا الفرع بحيث إذا قصرت الأمة في ذلك كانت آثمة شرعا، وهذا الواجب هو المعروف في الأصول بالواجب الكفائي أو الفرض الكفائي، ويجب عليهم أن يحذقوا الفن حتى يؤدوا وظائفهم أكمل أداء، فإذا هدوا إلى علاج نافع لأمراض العيون