للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولفضيلة الشيخ عبد الرحمن الناصر السعدي فتوى تتعلق بالموضوع رأينا إثباتها وفيما يلي نصها:

سؤال: هل يجوز أخذ جزء من جسد الإنسان وتركيبه في إنسان آخر مضطر إليه برضاء من أخذ منه؟

ج: جميع المسائل التي تحدث في كل وقت سواء حدثت أجناسها أو أفرادها يجب أن تتصور قبل كل شيء، فإذا عرفت حقيقتها وشخصت صفاتها وتصورها الإنسان تصورا تاما بذاتها ومقدماتها ونتائجها طبقت على نصوص الشرع وأصوله الكلية فإن الشرع يحل جميع المشكلات، مشكلات الجماعات والأفراد ويحل المسائل الكلية والجزئية، يحلها حلا مرضيا للعقول الصحيحة والفطر المستقيمة ويشترط أن ينظر فيه البصير من جميع نواحيه وجوانبه الواقعية والشرعية، فنحن في هذه المسألة قبل كل شيء نقف على الحياد حتى يتضح لنا اتضاحا تاما للجزم بأحد القولين، فنقول: من الناس من يقول هذه الأشياء لا تجوز لأن الأصل أن الإنسان ليس له التصرف في بدنه بإتلاف أو قطع شيء منه أو التمثيل به؛ لأنه أمانة عنده لله ولهذا قال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (١).

والمسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه، أما المال فإنه يباح بإباحة صاحبه وبالأسباب التي جعلها الشارع وسيلة لإباحة التملكات، وأما الدم فلا يباح لوجه من الوجوه ولو أباحه صاحبه لغيره سواء كان نفسا أو عضوا أو دما أو غيره إلا على وجه القصاص بشروط، أو في الحالة التي أباحها الشارع وهي أمور معروفة ليس منها هذا المسئول عنه، ثم إن ما زعموه من المصالح للغير معارض بالمضرة اللاحقة لمن قطع منه ذلك الجزء، فكم من إنسان تلف أو مرض بهذا العمل، ويؤيد هذا قول الفقهاء: من ماتت وهي حامل بحمل حي لم يحل شق بطنها لإخراجه ولو غلب الظن، أو لو تيقنا خروجه حيا إلا إذا خرج بعضه حيا فيشق للباقي، فإذا كان هذا في الميتة فكيف حال الحي، فالمؤمن بدنه محترم حيا وميتا ويؤخذ من هذا أيضا أن الدم نجس خبيث، وكل نجس خبيث لا يحل التداوي به مع ما يخشى عند أخذ دم إنسان من هلاك أو مرض، فهذا من


(١) سورة البقرة الآية ١٩٥