للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن النحاس: (. . الذي يظهر لي - والله أعلم - من الحكمة في جعل أرواحهم في هذه الأجساد: أنهم لما جاءوا بأجسادهم الكثيفة لله تعالى وبذلوها في حبه وعرضوها للآلام والمشاق الشديدة، وسمحوا بها للفناء امتثالا لأمر الله وطلبا لمرضاته، عوضهم عنها أجسادا لطيفة في دار النعيم الباقي يأكلون بها ويشربون ويسرحون في الجنة حيث يشاءون ولما كان ألطف الحيوانات أجساما الطير وألطف الألوان الأخضر، وألطف الجمادات الشفافة الزجاج، كما قال تعالى: {الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} (١).

وإن كانت من ذهب كما في حديث ابن عباس فهو المفرح طبعا وخاصية. وناهيك بذهب الجنة، مفرحا، فلذلك - والله أعلم - جعل الله أرواح الشهداء في ألطف الأجساد وهو الطير الملون بألطف الألوان وهو الخضرة، يأوي إلى ألطف الجمادات وهي القناديل المنورة والمفرحة في ظل عرش اللطيف الرحيم، لتكمل لها لذة النعيم في جوار الرب الكريم، فكيف يظن إنها محصورة؟ كلا والله أن هذا لهو الفوز العظيم لمثل هذا فليشمر المشمرون وعليه فليجتهد المجاهدون (٢) كما تقدم.


(١) سورة النور الآية ٣٥
(٢) مشارع الأشواق جـ٢ ص ٧٣١ - ٧٣٢.