للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النظرية الثالثة]

إقامة: الحدود التي فرضتها شريعة السماء على المخالفات التي تصدر من بعض أفراد الجماعة الإسلامية، كعقوبة زاجرة، أو كضمان لحفظ التوازن، وصيانة الحقوق الفردية، وتقويم المعوج من الأخلاق، والترفع عن الرذيلة في كل مجالاتها - فالمجترئ على سفك الدم الحرام يقتل إذا ثبتت إدانته - والذي يعتدي على الغير ويسرق المال تقطع يده إذا ثبتت إدانته، واستوفيت شروط القطع. والخيانة الزوجية في شتى ملابساتها ترتفع فيها العقوبة لدرجة الرجم بالحجارة وتنخفض فيكتفى فيها بالضرب البسيط مع الاعتقال أو بدونه، حسب مقياس الجرم وبقدر ثبوت الإدانة، وهكذا كل مخالفة رتبت عليها الشريعة الإسلامية عقوبة يجب أن تطبق العقوبة بكل دقة، ويستوي في تطبيقها الشريف والوضيع والأمير والمأمور دون فرق أو محاباة.

ذلك لأن الناس سواسية كأسنان المشط لا فرق في نظر العدالة بين أبيض وأسود ولا بين شريف ووضيع وتلك هي تعاليم رسول الإسلام محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد قطع يد امرأة شريفة في سرقة سرقتها رغم الوساطات المتكررة لديه، والشفاعات في قضيتها من أحب الناس إليه، بل قال: للشفعاء «لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها (١)» على هذه النظريات الثلاث قام البرنامج الإصلاحي لحركة التجديد في القرن الثاني عشر هـ ١٨ م، أما النظرية المذهبية فلم تكن للمصلح نظرية مستقلة ينفرد بها عن نظريات أئمة المذاهب المعترف بها لدى الجماعة الإسلامية، فهو محتضن مذهب الإمام أحمد بن حنبل رابع الأئمة المتبوعين والمشهور بإمام أهل السنة؛ لأن مذهبه يرتكز على الأدلة النقلية من (القرآن) أو على أحاديث رسول الإسلام المدونة الصحيحة والمجموعة في أشهر كتب الحديث - فالشيخ في هذه الناحية متبع لا متبوع ومنتسب لا ينسب إليه أحد.

أما الوهابية المزعومة فهي صفة وصف بها كل من يدين بالدين الصحيح، والغرض منها تضليل الرأي


(١) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (٣٤٧٥)، صحيح مسلم الحدود (١٦٨٨)، سنن الترمذي الحدود (١٤٣٠)، سنن أبو داود الحدود (٤٣٧٣)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٤٧)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٦٢)، سنن الدارمي الحدود (٢٣٠٢).