للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث: أن هذا القول فتح باب التساهل في رواية الأحاديث الواهية والموضوعة، وتناقلها وتداولها بين العامة، وبين طلبة العلم مع نوع من التأييد لها بحجة صحة معناها، وإذا كان المعنى صحيحا فهذا يعني التساهل والتسامح في ذكر الألفاظ المشتملة على المعنى الصحيح، ولقد جر هذا بلاء وفتنة (١).

الرابع: أنه غالبا ما يكون هناك فرق دقيق في المعنى بين ما اشتمل عليه الحديث الموضوع، أو الحديث الواهي وبين ما اشتمل عليه الحديث الصحيح، ولكن للاغترار بهذا القول، أغفل هذا الفرق أو ظن أنه غير مؤثر في المعنى تأثيرا ذا أهمية، ولعمري أي فرق أجل مما بين ما نطق به الوحي، وبين ما قاله المتقولون والواهمون.

الخامس: هذا القول لا يعلم له مستند من دليل، والقول البديل عنه أن يقال: هذا حديث موضوع، أو باطل، أو واه، ويغني عنه الحديث الصحيح وهو كذا وكذا.

السادس: لسنا ملزمين بأن نقيم نسبا بين كل قول جميل، أو حكمة، أو مثل، وبين الوحي، وكلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنثبت أنه أفصح الناس وأحكمهم، فإن هذه الحقيقة أنصع من أن تحتاج إلى مثل هذا الإثبات، وكأننا حين نفعل ذلك نكافئ الكذاب، أو المبتدع أو المخطئ بالعناء الذي نبذله لتمرير عمله.


(١) انظر الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم (١/ ١٢٠).