للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دليلا فلم يخل مراد الله من أن يكون معلوما عند أهل العلم بالتوقيف والاستدلال، والربا الذي كانت العرب تعرفه وتفعله إنما كان قرض الدراهم والدنانير إلى أجل بزيادة على مقدار ما استقرض على ما يتراضون به، ولم يكونوا يعرفون البيع بالنقد وإذا كان متفاضلا من جنس واحد، هذا كان المتعارف المشهور بينهم ولذلك قال تعالى {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} (١) فأخبر أن تلك الزيادة المشروطة إنما كانت ربا في المال العين لأنه لا عوض لها من جهة المقرض وقال تعالى: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} (٢) إخبارا عن الحال التي خرج عليها الكلام من شرط الزيادة أضعافا مضاعفة، فأبطل الله تعالى الربا الذي كانوا يتعاملون به وأبطل ضروبا أخر من البياعات وسماها ربا فانتظم قوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} (٣) تحريم جميعها لشمول الاسم عليها من طرق الشرع، ولم يكن تعاملهم بالربا إلا على الوجه الذي ذكرنا من قرض دراهم أو دنانير إلى أجل مع شرط الزيادة.

واسم الربا في الشرع يعتوره معان

أحدها: الربا الذي كان عليه أهل الجاهلية

والثاني: التفاضل في الجنس الواحد من المكيل والموزون على قول أصحابنا، ومالك بن أنس يعتبر مع الجنس أن يكون مقتاتا مدخرا، والشافعي يعتبر الأكل مع الجنس فصار الجنس معتبرا عند الجميع فيما يتعلق به من تحريم التفاضل عند انضمام غيره إليه على ما قدمنا

والثالث: النساء وهو على ضروب: منها في الجنس الواحد من كل شيء لا يجوز بيع بعضه ببعض نساء، سواء كان من المكيل أو من الموزون أو من غيره، فلا يجوز عندنا بيع ثوب مروي بثوب مروي نساء لوجود الجنس، ومنها وجود المعنى المضموم إليه الجنس في شرط تحريم التفاضل وهو الكيل والوزن


(١) سورة الروم الآية ٣٩
(٢) سورة آل عمران الآية ١٣٠
(٣) سورة البقرة الآية ٢٧٥