للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نافع: فذهب عبد الله وأنا معه والليث حتى دخل على أبي سعيد الخدري فقال: إن هذا أخبرني أنك تخبر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الورق بالورق إلا مثلا بمثل (١)» الحديث فأشار أبو سعيد بإصبعيه إلى عينيه وأذنيه فقال: أبصرت عيناي وسمعت أذناي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل (٢)» (الحديث). ولمسلم من طريق أبي نضرة في هذه القصة لابن عمر مع أبي سعيد (أن ابن عمر نهى عن ذلك بعد أن كان أفتى به لما حدثه أبو سعيد بنهي النبي صلى الله عليه وسلم).

وأما قصة أبي سعيد مع ابن عباس فسأذكرها في الباب الذي يليه.

قوله في الرواية الأولى: (الذهب بالذهب) يجوز في الذهب الرفع والنصب وقد تقدم توجيهه. ويدخل في الذهب جميع أصنافه من مضروب ومنقوش وجيد ورديء وصحيح ومكسر وحلي وتبر وخالص ومغشوش، ونقل النووي تبعا لغيره في ذلك الإجماع.

قوله (مثل بمثل) كذا في رواية أبي ذر بالرفع ولغير أبي ذر (مثلا بمثل)، وهو مصدر في موضع الحال أي الذهب يباع بالذهب موزونا بموزون أو مصدر مؤكد أي يوزن وزنا بوزن، وزاد مسلم في رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه «إلا وزنا بوزن مثلا بمثل سواء بسواء (٣)»

قوله (ولا تشفوا) بضم أوله وكسر الشين المعجمة وتشديد الفاء: أي تفضلوا، وهو رباعي من أشف والشف بالكسر الزيادة، وتطلق على النقص.

قوله (ولا تبيعوا منها غائبا بناجز) بنون وجيم وزاي مؤجلا بحال، أي والمراد بالغائب أعم من المؤجل كالغائب عن المجلس مطلقا مؤجلا كان أو حالا، والناجز الحاضر، قال ابن بطال: فيه حجة للشافعي في قوله: من كان له على رجل دراهم ولآخر عليه دنانير لم يجز أن يقاص أحدهما الآخر بما له؛ لأنه يدخل في معنى بيع الذهب بالورق دينا؛ لأنه إذا لم يجز غائب بناجز فأحرى أن لا يجوز غائب بغائب، وأما الحديث الذي أخرجه أصحاب السنن عن ابن عمر قال:


(١) صحيح البخاري البيوع (٢١٧٦)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٤)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٥١).
(٢) صحيح البخاري البيوع (٢١٧٧)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٤)، سنن النسائي البيوع (٤٥٧٠)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٧٣)، موطأ مالك البيوع (١٣٢٤).
(٣) صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٤)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٩).