للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجنة لكنها ليست هي الجنة، ولكنه شيء منها، فإنه يفتح للمؤمن وهو في قبره باب إلى الجنة يأتيه من ريحها وطيبها ونعيمها، وينقل بعد ذلك إلى الجنة فوق السماوات في أعلى شيء.

وقال بعضهم: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} (١) يعني مدة إقامتهم في موقف القيامة للحساب والجزاء، وذلك بعد خروجهم من القبور، فإنهم بعد ذلك ينقلون إلى الجنة، وقال بعضهم: مجموع الأمرين مدة بقائهم في القبور ومدة بقائهم في الموقف ومرورهم على الصراط. . . في كل هذه الأماكن ليسوا في الجنة، لكنهم ينقلون منها إلى الجنة.

ومن هذا يعلم أن المقام مقام واضح، ليس فيه شبهة ولا شك، فأهل الجنة في الجنة أبد الآباد، ولا موت، ولا مرض، ولا خروج، ولا كدر، ولا حزن، ولا حيض، ولا نفاس، بل في نعيم دائم، وخير دائم.

وهكذا أهل النار يخلدون فيها أبد الآباد، ولا يخرجون منها كما قال - عز وجل - في حقهم: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ} (٢) والآيات في هذا المعنى كثيرة.

أما قوله - عز وجل - في حقهم: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} (٣) فقيل: إن المراد بذلك مقامهم في القبور، وقيل مقامهم في الموقف، وهم بعد ذلك يساقون إلى النار ويخلدون فيها أبد الآباد، كما قال تعالى في حقهم في سورة البقرة: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (٤) وقال سبحانه في سورة المائدة: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} (٥) والله ولي التوفيق.


(١) سورة هود الآية ١٠٧
(٢) سورة فاطر الآية ٣٦
(٣) سورة هود الآية ١٠٧
(٤) سورة البقرة الآية ١٦٧
(٥) سورة المائدة الآية ٣٧