للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أدلة القول الثاني:

استدل القائلون باستحباب الرجعة بما يأتي:

قال ابن قدامة في المغني: ولنا أنه طلاق لا يرتفع بالرجعة فلم تجب عليه الرجعة فيه كالطلاق في طهر مسها فيه، فإنهم أجمعوا على أن الرجعة لا تجب، حكاه ابن عبد البر عن جميع العلماء، وما ذكروه من المعنى ينتقض بهذه الصورة، وأما الأمر بالرجعة فمحمول على الاستحباب كما ذكرنا انتهى (١).

الترجيح والمناقشة:

قلت والذي يترجح لي هو القول بوجوب الرجعة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر بها، والأمر يقتضي الوجوب إلا لصارف ولم يوجد، ودعوى تعذر ارتفاع الطلاق بالرجعة - على القول بوقوع الطلاق - لا يصح أن يكون صارفا للصيغة عن الوجوب؛ لجواز إيجاب رفع أثرها، وهو العدة وتطويلها، إذ بقاء الشيء بقاء ما هو أثره من وجه فلا تترك الحقيقة.

أما الاستدلال على عدم وجوب الرجعة من الطلاق في الحيض، بالقياس على عدم وجوبها من الطلاق في الطهر المجامع فيه، حيث هو مجمع عليه، كما ذكره ابن عبد البر فعنه جوابان:

الأول: عدم التسليم بدعوى الإجماع على عدم وجوب الرجعة من الطلاق في الطهر المجامع فيه، قال ابن القيم في شرح لسنن أبي داود ما نصه: " وقوله - صلى الله عليه وسلم - ثم ليطلقها طاهرا قبل أن يمس، دليل على أن طلاقها في الطهر الذي مس فيه ممنوع فيه، وهو طلاق بدعة، وهذا متفق عليه فلو طلق فيه قالوا لم يجب عليه رجعتها.


(١) المغني لابن قدامة ٧/ ١٠١.