للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلوب الناس هناك مع أنه قد مضى على وفاته أثناء مروره بالمنطقة عدة سنوات، سواء لدى المتعلمين منهم أو العامة، وسواء منهم من درس عليه، أو لم يدرس عليه، فالكل يتحدث عن مكانته، والكل يترحم عليه، والكل يروي وقائع مشوقة، ونماذج تدعو للتتبع والاستطلاع.

ورغم أنني لم أسمع قبل ذلك الوقت عن الشيخ إلا النزر اليسير، ولم يسبق لي أن قابلته، إلا أن ما استفاض على ألسنة الناس هناك، وما كان يتصدر أحاديثهم، يجعل الإنسان يتشوق إلى المزيد، ويجعل أسئلة كثيرة تطرح، عل بعضها يجد صدى، ينتج عنه رصد لحياة هذا الشيخ الذي أحيا الله به السنة في تلك المناطق، وأوجد الله به حماسة في الدعوة بدأت من سامطة، ثم أخذت في الامتداد، كما يمتد أثر الحجر عندما يلقى في الماء.

وكان من ضمن ما طرح من أسئلة: ألم يؤلف الشيخ كتبا؟ ألم يكتب عنه أحد من تلاميذه؟. . ولكن الجواب كان بالنفي في الحالين، رغم أنه - يرحمه الله - يعتبر مدرسة أيقظت جيلا، وكالغمامة التي أنبت الله بها الكلأ والعشب.

إلا أن جوابا من بعضهم جعل بارقة من أمل، فقد نقل أن الشيخ كتب عن نفسه، وعن أثره في المنطقة الجنوبية في مجلة المنهل عام ١٣٦٧هـ وأن ابنه محمدا، قد استحث أكثر من مائة وعشرين طالب علم في المنطقة ممن تتلمذ على الشيخ، بالكتابة عن شيخهم، ورصد الجوانب التي يعرفها كل شخص؛ لأنها اليوم متوفرة في الذاكرة، وعالقة في الأذهان، وغدا تنسى بموت من عرفها، كما نسي الكثير من تاريخ هذه البلاد، ومواقف الرجال فيها، إذ لم يرصد المطلوب، ويوثق بالكتابة والمصدر كما يقال:

العلم صيد والكتابة قيده ... قيد صيودك بالحبال الموثقة