للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصورة السادسة: قتيل الزحام

١ - قال الأبي "ع": الصورة السادسة: قتيل الزحام قال مالك: دمه هدر، وقال الشافعي: فيه القسامة والدية، وقال الثوري وإسحاق: عقله في بيت المال، وعن عمر وعلي مثله، وقال الحسن والزهري: عقله على من حضر، قلت: الذي حكى أبو عمر عن الشافعي إنما هو لا شيء فيه كقول مالك (١) وقال الباجي نقلا عن الموازية: وذلك أنه لا تتعلق التهمة بمعين ولا معينين (٢) ٢ - وقال النووي والرملي: أو تفرق عنه جمع محصور يتصور اجتماعهم على قتله، وإن لم يكونوا أعداءه، في نحو دار أو زحام على الكعبة أو بئر، وإلا فلا قسامة حتى يعين منهم محصورين، فيمكن من الدعوى والقسامة، ولا بد من وجود أثر قتل، وإن قل، وإلا فلا قسامة، وكذا في سائر الصور، خلافا للأسنوي (٣).

قال ابن قدامة: الثالث أن يزدحم الناس في مضيق فيوجد منهم قتيل، فظاهر كلام أحمد أن هذا ليس بلوث، فإنه قال فيمن مات بالزحام يوم الجمعة: فديته في بيت المال، وهذا قول إسحاق، وروي ذلك عن عمر وعلي، فإن سعيدا روى في سننه عن إبراهيم قال: قتل رجل في زحام الناس بعرفة، فجاء أهله إلى عمر، فقال: بينتكم على من قتله، فقال علي: يا أمير المؤمنين لا يطل دم امرئ مسلم، إن علمت قاتله، وإلا فأعط ديته من بيت المال.

قال أحمد فيمن وجد مقتولا في المسجد الحرام: ينظر من كان بينه وبينه شيء في حياته يعني عداوة يؤخذون، فلم يجعل الحضور لوثا، وإنما جعل اللوث العداوة.

وقال الحسن والزهري فيمن مات في الزحام: ديته على من حضر؛ لأن قتله حصل منهم، وقال مالك: دمه هدر؛ لأنه لا يعلم له قاتل، ولا وجد لوث فيحكم بالقسامة، وقد روي عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إليه رجل وجد قتيلا لم يعرف قاتله، فكتب إليهم: إن من القضايا قضايا لا يحكم فيها إلا في الدار الآخرة وهذا منها (٤).

* * *


(١) إكمال إكمال المعلم ج٤ ص٤٠١ - المنتقى ج٧ ص١١٤. .
(٢) إكمال إكمال المعلم ج٤ ص٤٠١ - المنتقى ج٧ ص١١٤. .
(٣) المنهاج وشرح نهاية المحتاج ج٧ ص٣٩٠.
(٤) المغني ج٨ ص٤٨٩.