للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البحث عن مسارب الرزق؛ لعدم القدرة على التفرغ لطلب العلم، وما ذلك إلا لمشقة الحياة، وقلة الموارد التي تريح الإنسان، وتجعله قادرا على تهيئة النفس، وتفريغ الذهن بطلب العلم، ناهيك بالجهد الذي يبذله الإنسان في هذا السبيل في مثل بيئة المترجم له؛ إذ لا موارد تغطي حاجة السكان، ولا استقرار في التجارة ولا أمان في السبل، إلا بعد أن هيأ الله للبلاد الملك المظفر عبد العزيز آل سعود، وبذل جهدا كبيرا في توحيد البلاد واستقرارها، ولم يستتب الأمن إلا بعد سنوات طويلة من السعي والمواصلة - فرحمه الله - وجعل في عقبه خير خلف لخير سلف، وكما يقال: رأس المال جبان لا يتحرك وينمو إلا في جو آمن.

ولذا كانت سبل التجارة محفوفة بالمخاطر، وشاقة مع قلة مواردها، ولكنها الحاجة التي دعت لذلك، ومع اهتمام الشيخ القرعاوي بطلب العلم، إلا أنه بدأ كما يبدأ أترابه في زمنه، بالبحث عن لقمة العيش، وما تحوج إليه من تحمل، فامتطى من الأمور ما يصقل شخصيته، ويعطيه دروسا في الحياة، تتفتح عنها مواهبه، ويكتسب بها خبرة وقدرة على الصبر والثبات، أمام معضلات الأمور كما قال الأول:

لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى ... فما انقادت الآمال إلا لصابر

ومن هذا المسلك نرى الشيخ محمد القاضي يرى أن القرعاوي اشتغل في عام ١٣٢٨هـ مع عمه بالتجارة في التغريب للشام، فسافر معه في جلب الإبل والملابس، وعاد إلى عنيزة، فصار يوالي نشاطه التربوي والتأديبي، وفتح دكانا للبيع والشراء، وكان صدوقا في المعاملة، وفي الصباح والليل يلازم مشايخه (١).


(١) روضة الناظرين (٢: ٤١).