للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذهن الحسن البصري أن الشمس والقمر في النار يعذبان فيها عقوبة لهما، كلا فإن الله عز وجل لا يعذب من أطاعه من خلقه، ومن ذلك الشمس والقمر كما يشير إليه قول الله تبارك وتعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} (١) فأجبر تعالى أن عذابه إنما يحق على غير من كان يسجد له تعالى في الدنيا كما قال الطحاوي: وعليه فإلقاؤهما في النار يحتمل أمرين:

الأول: أنهما من وقود النار، قال الإسماعيلي: (لا يلزم من جعلهما في النار تعذيبهما، فإن لله في النار ملائكة وحجارة وغيرها لتكون لأهل النار عذابا وآلة من آلات العذاب، ومن شاء الله من ذلك فلا تكون هي معذبة).

والثاني: أنهما يلقيان فيها تبكيتا لعبادهما. قال الخطابي: (ليس المراد بكونهما في النار تعذيبهما بذلك، ولكنه تبكيت لمن كان يعبدهما في الدنيا ليعلموا أن عبادتهم لهما كانت باطلا. قلت وهذا هو الأقرب ويؤيده أن في حديث أنس عند أبي يعلى، كما في (الفتح ٦/ ٢١٤): ليراهما من عبدهما - والله تعالى أعلم) (٢).


(١) سورة الحج الآية ١٨
(٢) سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الأول: ٢/ ٣٤.