للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله الصالحين كلهم خير في جميع أحوالهم الظاهرة والباطنة فإن سئلوا وتكلموا فبخير وصدق، وإن صمتوا فعلى خير وتقى، ورسل الله تعالى أصفى البشرية قلوبا، وأزكاها أنفسا وأصدقها منطقا، وأكثرها إيمانا، وأطيبها خلقا، وأعلمها بربها ومراده جل وعلا، وما أعظم حكمته سبحانه وتعالى في كل شيء خاصة وقد اختار من كل أمة أفضلها، وكلفه بإبلاغ دينه، فهاهم رسل الله جميعا يجيبون ربهم عند سؤالهم في ذلك المشهد العظيم والجمع الغفير بإرجاع العلم لأهله: {قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} (١) العلم لمن لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، قال لقمان لابنه وهو يعظه كما أخبر الله بذلك: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} (٢)

قال سيد قطب: (والرسل بشر من البشر لهم علم ما حضر وليس لديهم علم ما استتر، لقد دعوا أقوامهم إلى الهدى فاستجاب منهم من استجاب، وتولى منهم من تولى، وما يعلم الرسول حقيقة من استجاب إن كان يعرف حقيقة من تولى، فإنما له ظاهر الأمر وعلم ما بطن لله وحده. وهم في حضرة الله الذي يعرفونه خير من يعرف، والذي يهابونه أشد من يهاب، والذي يستحيون أن يدلوا بحضرته بشيء من العلم وهم يعلمون أنه العليم الخبير.


(١) سورة المائدة الآية ١٠٩
(٢) سورة لقمان الآية ١٦