للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تتكبر؛ فالمؤمن يعظم أمر الله، ويقبل الحق ممن جاء به، ولا يتعالى ولو كان من جاء به أقل منه، يقول الله سبحانه: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (١)، فلو كان الناصح تلميذا من تلاميذ الشيخ فلا يرد الحق من التلميذ إذا صار التلميذ قد وفق لأمر خفي على الشيخ، فإن الإنصاف يقتضي قبوله، وهذه هي التقوى، وهذا من التفقه في الدين؛ لأن الدين يأمر بقبول الحق ممن جاء به من رجل أو امرأة، من ولدك أو من أخيك الصغير، من جارك أو من خادمك بدون تفرقة، فمن عرف الحق فليرشد إليه بالدليل، ومن بلغه ذلك فعليه السمع والطاعة؛ لأن الدليل فوق الجميع ما لأحد فيه كلام؛ لأن الله يقول وقوله الحق: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (٢).

فيجب عليك أن تخضع للحق ممن جاء به من جن أو أنس، فمتى عرفت الحق فاقبله بالدليل، ولا تقل جاء به فلان، بل عليك أن تقبل الحق؛ لأن الحق فوق الجميع، الحق ضالة المؤمن، وحاسب نفسك أنت يا عبد الله، حاسب نفسك وجماعتك التي أنت تنتسب إليهم، حاسبهم وانظر فيما دعوك إليه، فإن كان موافقا لشرع الله فاقبل وإلا فدعه، وإذا كان بقاؤك مع هذه الجماعة أنفع لك في الدين فابق معهم، وإن كان بقاؤك معهم يضرك فاهرب منهم، اهرب وانصحهم، لا تبق مع الباطل ولا مع أهل الباطل إلا ناصحا لهم وموجها لهم إلى الخير، هكذا تجب


(١) سورة الحجرات الآية ١٣
(٢) سورة النساء الآية ٥٩