للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البيوع الفاسدة في دار الإسلام، أنه يجوز عند أبي حنيفة، وعندهما: لا يجوز؛ لأن العصمة وإن كانت ثابتة فالتقوم ليس بثابت عنده حتى لا يضمن نفسه بالقصاص ولا بالدية عنده، وكذا ماله لا يضمن بالإتلاف؛ لأنه تابع للنفس، وعندهما نفسه وماله معصومان متقومان، والمسألة تأتي في كتاب السير.

ولو دخل مسلمان دار الحرب فتبايعا درهما بدرهمين أو غيره من البيوع الفاسدة في دار الإسلام، لا يحوز؛ لأن كل واحد منهما معصوم متقوم فكان التملك بالعقد، فيفسد بالشرط الفاسد.

ولو أسلم الحربي الذي بايع المسلم ودخل دار الإسلام، أو أسلم أهل الدار: فما كان من ربا مقبوض أو بيع فاسد مقبوض فهو جائز ماض، وما كان غير مقبوض يبطل؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (١)، أمرهم سبحانه وتعالى بترك ما بقي من الربا، والأمر بترك ما بقي من الربا نهي عن قبضه، فكأنه تعالى قال: اتركوا قبضه، فيقتضي حرمة القبض.

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كل ربا في الجاهلية فهو موضوع تحت قدمي (٢)». والوضع: عبارة عن الحط والإسقاط، وذلك فيما لم يقبض، ولأن بالإسلام حرم ابتداء العقد فكذا القبض بحكم العقد؛ لأنه تقرير العقد وتأكيده، فيشبه العقد فيلحق به؛ إذ هو عقد من وجه فيلحق بالثابت من


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٨
(٢) صحيح مسلم كتاب الحج (١٢١٨)، سنن أبو داود كتاب المناسك (١٩٠٥)، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٧٤)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٢١)، سنن الدارمي كتاب المناسك (١٨٥٠).