للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به: الطوفة حول الكعبة (١) وتسمية الطواف شوطا كرهه الإمام الشافعي (٢) رحمه الله، وكره تسميته دورا أيضا، وسبب كراهة إطلاق الشوط أو الدور على الطواف ما روي أن مجاهد كره أن يقال: شوطا أو دورا، فقال الشافعي: (أكره ما كره مجاهد)، واستدل على ذلك بأن الله تعالى سماه: طوافا، تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (٣)؛ ولذا يقال طواف وطوافان، ولا يقال: شوط أو دور. وبهذا قال جمهور الشافعية (٤) تبعا للإمام الشافعي.

وخالف في ذلك بعض الفقهاء وعلى رأسهم النووي رحمه الله تعالى، واختار عدم الكراهية في تسمية الطواف شوطا؛ لأن هذه التسمية وردت على ألسنة الصحابة، وفي الأحاديث الصحيحة منها: حديث ابن عباس المتفق عليه، قال: «. . . أمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرملوا ثلاثة أشواط، ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم (٥)». قال النووي: (. . . وهذا الذي استعمله ابن عباس مقدم على قول مجاهد)، وقال: (ثم إن الكراهة إنما ثبتت بنهي الشرع، ولم يثبت في تسميته شوطا نهي، فالمختار أنه لا يكره) (٦).

وما قاله النووي حق؛ لأن روايات الصحابة رضي الله عنهم نطقت


(١) فتح الباري ٣/ ٤٧٠، مختار الصحاح ص (٣٥١).
(٢) الأم ٢/ ١٥٠، حاشية الجمل ٢/ ٤٣٩، أخبار مكة للفاكهي ١/ ٢٩٩.
(٣) سورة الحج الآية ٢٩
(٤) حاشية الجمل ٢/ ٤٣٩، المجموع ٨/ ٥٥.
(٥) صحيح البخاري الحج (١٦٠٢)، صحيح مسلم الحج (١٢٦٦)، سنن النسائي مناسك الحج (٢٩٤٥)، سنن أبو داود المناسك (١٨٨٦)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٩٥).
(٦) المجموع ٨/ ٥٥، ٥٦.