للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (١).

والذي يظهر لي أن الطواف عند الكعبة أفضل من التطوع؛ لأن الطواف يشتمل على صلاة ركعتين وزيادة دعاء وذكر، ثم إن الطواف مختص بهذا المكان، أما الصلاة ففي كل مكان طاهر، مما يدل على ذلك أن تحية المسجد الحرام الطواف، وقد بالغ بعض العلماء في تفضيل الطواف على غيره من أعمال الحج، فقد حكي عن القرافي أنه قال: (أفضل أركان الحج الطواف؛ لأنه مشتمل على الصلاة، وهو في نفسه شبيه بها، والصلاة أفضل من الحج، فيكون أفضل الأركان) (٢) وقال آخر: (والطواف من حيث ذاته أفضل من صلاة التطوع، ولأنه قربة مستقلة، ومشبه بالصلاة) (٣).

والحق أن جنس الصلاة أفضل من جنس الطواف، والحج كله لا يقاس بالصلاة، التي هي عمود الدين، فكيف يقاس بها بعض أفعاله، لكنه يقال في أفضلية الطواف لمكانه وزمانه فيقدم العمل المفضول في مكانه وزمانه على الفاضل (٤)، لا؛ لأن جنسه أفضل، وهذا ما قصده من فضل الطواف على الصلاة والله أعلم.


(١) سورة الحج الآية ٢٦
(٢) حاشية المدني على كنون بهامش الرهوني على الزرقاني ٢/ ٤٣٦.
(٣) حاشية الجمل ٢/ ٤٢٧.
(٤) انظر فتاوى ابن تيمية ٢٦/ ١٩٦.