للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العلة في الأصل كونها متعلقة بالبيت، فالطهارة إنما وجبت لكونها صلاة، سواء تعلقت بالبيت، أو لم تتعلق، فصلاة التطوع في السفر وصلاة الخوف إذا صلى إلى غير القبلة تشترط لها الطهارة، وليست متعلقة بالبيت وأيضا النظر إلى البيت عبادة متعلقة بالبيت، ولا تشترط لها الطهارة، وكذلك الاعتكاف عبادة متعلقة بالمسجد، ولم تكن الطهارة شرطا فيه، فدل ذلك على فساد هذا القياس،؛ لأن القياس الصحيح: ما بين فيه أن المشترك بين الأصل والفرع هو علة الحكم، أو دليل العلة (٢) ولم يوجد في مسألتنا ذلك.

الترجيح:

الراجح والله أعلم أن الطهارة شرط لصحة الطواف؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الحائض تقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت (١)»، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لزوجه عائشة رضي الله عنها: «اصنعي ما يصنع الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت (٢)» وكانت رضي الله عنها حائضا. وكما ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قيل له عن زوجه صفية رضي الله عنها أنها حاضت، فقال: «أحابستنا هي؟، فقيل له: إنها قد أفاضت فقال: فلا إذا (٣)»، وحديث: «الطواف بالبيت صلاة (٤)».

فترجح بهذه الأدلة وغيرها اشتراط الطهارة للطواف، فلا يصح طواف حول الكعبة إلا بالطهارة إلا إذا وجدت ضرورة، مثل امرأة حاضت أو ولدت ولا يمكنها الانتظار لعدم وجود محرم أو نفقة كافية، ولا يمكنها السفر والعودة بعد الطهر لبعد المكان، أو لقلة المال، فيجوز لها في


(١) سنن الترمذي الحج (٩٤٥)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٣٧).
(٢) صحيح البخاري الحيض (٢٩٤)، صحيح مسلم الحج (١٢١١)، سنن النسائي الطهارة (٢٩٠)، سنن أبو داود المناسك (١٧٨٢)، سنن ابن ماجه المناسك (٢٩٦٣)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٢٧٣).
(٣) صحيح البخاري الحج (١٧٥٧)، سنن أبو داود المناسك (٢٠٠٣)، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٧٢)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٨٢).
(٤) سنن الترمذي الحج (٩٦٠)، سنن الدارمي كتاب المناسك (١٨٤٧).