للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (١)، وقد استمر على هذا الفعل خلفاؤه الراشدون وصاحبته الكرام رضي الله عنهم أجمعين.

ويرد على الحنفية بقولهم: (أنه ترك هيئة) بأنه اختلاف الهيئة يبطل العمل كاختلاف هيئة الصلاة وترتيبها، فإنه مبطل لها فكذلك الطواف. وكذلك لو طاف مستقبلا للكعبة أو مستدبرا لها، أو معترضا، بأن يمشي على جنبه، أو جعلها على يمينه ومشى القهقري -على الخلف- فإن طوافه لا يصح على هذه الصفات؛ لأنه مخالف لما ورد به الشرع.

الحكمة في الطواف على يساره:

قد ذكر العلماء تعليلات عديدة لجعل الكعبة على يسار الطائف فمنها:

أن الذي يطوف بالكعبة مؤتم بها؛ لأن الواحد مع الإمام يكون الإمام على يساره، وقيل: لأن القلب في الجانب الأيسر، فجعل الشق الذي هو محل القلب إلى جهة البيت، وليكون أقرب موافقة لقوله تعالى: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} (٢)، واعترض بعضهم على أن محل القلب في الشق الأيسر للإنسان وقال: (إن القلب في الوسط، لكن رأسه يميل إلى جهة اليمين قليلا، وإبرته تميل إلى اليسار قليلا) لكن الذي يمكن أن يقال: (إن جهة اليسار من القلب هي محل الروح ومنبعه، ومنه ينبعث في الشريان الأعظم المسمى بالأبهر إلى جميع الجسد، ولذلك نجد حركة النبض في الجهة اليسرى، والروح أشرف ما في الجسد، فجعل ذلك الشق مواجها


(١) سورة الحج الآية ٢٩
(٢) سورة إبراهيم الآية ٣٧