للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جميع الأزمنة على حد سواء، وليست ظروفهم وأحوالهم وقدرهم على حد سواء، فالله - جل وعلا - هو العليم بأحوال العباد، وهو الخبير بمدى استطاعتهم، وهو العليم بمدى تقبلهم الحق وبحقيقة العقول التي يحملونها، وهو سبحانه يرسل الرسل في كل وقت، وفي كل أمة بما يليق بذلك الوقت وبتلك الأمة؛ لأن ذلك هو اللائق بحكمته وعلمه ورحمته وإحسانه سبحانه وتعالى. فليس قوم نوح في العقول والتحمل والتقبل لما يجيء به الرسول كأمة موسى مثلا، فبين الناس فروق كبيرة في أوقاتهم وعقولهم ولغاتهم وعوائدهم وغير ذلك. فكان من حكمة الله - عز وجل - أن كانت الشرائع: وهي الأحكام متنوعة ومتفاوتة، أما الأصل فمتحد الذي هو عبادة الله، وتوحيده، والإيمان به، والإيمان برسله، والإيمان بملائكته، واليوم الآخر، والكتب، والإيمان بالقدر، والإيمان بإقامة الدين والاجتماع عليه، وإقامة الشريعة، وطاعة الرسول فيما جاء به، هذا أمر متفق عليه بين الرسل - عليهم الصلاة والسلام -، وهذه أصول اجتمعوا عليها ودعوا إليها، كما قال الله - جل وعلا -: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (١)، هذه دعوتهم جميعا يدعون الناس إلى عبادة الله والتوجه إليه وتوحيده في العبادة دون كل ما سواه في كل شيء من صلاة وصوم وغير ذلك، وقال - عز وجل -: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (٢)، وقال - عز وجل -


(١) سورة النحل الآية ٣٦
(٢) سورة الأنبياء الآية ٢٥