للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روحا ونورا وحياة للناس، وبهذا تعرف أنك في أشد الضرورة إلى هذه الشريعة، وأن البشر كلهم في ضرورة إليها؛ لأنها الحياة، ولأنها النور ولأنها الصراط المستقيم المفضي إلى النجاة، وما عداها فظلمة وموت وشقاء، قال الله - جل وعلا - في كتابه العظيم: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} (١)، فجعل من خرج عن الشريعة ميتا، وجعل من هدي إليها حيا، وجعل من أبى الشريعة في ظلمة، وجعل من وفق لها في فوز وهدى، وقال - جل وعلا -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (٢)، فجعل الاستجابة لله ولرسوله حياة، وجعل عدم الاستجابة موتا، فعلم أن هذه الشريعة حياة للأمة، وهي سعادة للأمة، ولا حياة لهم ولا سعادة بدون ذلك. وقال - عز وجل -: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (٣)، فجعل سبحانه ما جاء به محمد - عليه الصلاة والسلام - روحا للعباد تحصل به حياتهم، ونورا تحصل به بصيرهم ونجاتهم وسيرهم على الصراط المستقيم، فهذه الشريعة روح للأمة، بها حياتها وقيامها ونصرها، وهي أيضا نور لها تدرك به أسباب نجاتها وتهتدي به إلى الصراط المستقيم والصراط المستقيم هو: الطريق الواضح الذي من سار عليه وصل إلى النجاة، ومن حاد عنه هلك. وقال سبحانه وتعالى:


(١) سورة الأنعام الآية ١٢٢
(٢) سورة الأنفال الآية ٢٤
(٣) سورة الشورى الآية ٥٢