للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في دنياه وحياته بعد أن يبعثه الله يوم القيامة، وهذه الحياة الوسط بين الحياتين تؤهله لسماع السؤال والإجابة عنه إذا وفق، وتجعله يحس بالنعيم أو العذاب، وقد تقدمت الأحاديث في ذلك ولله في تدبيره وخلقه شئون لا تحيط بها العقول لقصورها ولا تحيلها بل تحكم بإمكانها وإن كانت تحار في تعليلها، وتعجز عن الوقوف على كنهها وحقيقتها وعن معرفة مداها وغاياتها، فعلى الإنسان إذا عجز عن شيء وخفي عليه أمره أن يتهم نفسه بالقصور ولا يتهم ربه في علمه وحكمته وقدرته.

وما ذكر في السؤال من الآيات لا يتنافى مع سؤال الميت في القبر ونعيمه أو عذابه، أما قوله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} (١) {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} (٢) {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} (٣) {وَادْخُلِي جَنَّتِي} (٤) فإنه خطاب للنفس عند قيام الساعة لا عند خروجها من البدن في الدنيا بدليل ما سبق من قوله تعالى في نفس السورة: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا} (٥) {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} (٦) {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} (٧) الآيات إلى قوله تعالى {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} (٨) وسؤال القبر ونعيمه أو عذابه إنما يكون بعد أن يدفن الميت وقبل أن يبعث يوم القيامة.

أما قوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا} (٩) فإخبار من الله تعالى عن قول الكافرين وهم في النار


(١) سورة الفجر الآية ٢٧
(٢) سورة الفجر الآية ٢٨
(٣) سورة الفجر الآية ٢٩
(٤) سورة الفجر الآية ٣٠
(٥) سورة الفجر الآية ٢١
(٦) سورة الفجر الآية ٢٢
(٧) سورة الفجر الآية ٢٣
(٨) سورة الفجر الآية ٢٧
(٩) سورة غافر الآية ١١