للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصحيح أن هذا الحديث ليس على ظاهره كما قال الألباني (١) بل هو من باب (بنى الأمير المدينة) أي: أمر ببنائها.

وقد نقل الحافظ في (الفتح) عن السهيلي قوله: (والحق أن معنى قوله: (فكتب) أي: أمر عليا أن يكتب).

ثم وافقه الحافظ قائلا: (ويجاب عن قصة الحديبية، بأن القصة واحدة، والكاتب فيها علي، وقد صرح في حديث المسور بأن عليا هو الذي كتب، فيحمل على أن النكتة في قوله: (فأخذ الكتاب - وليس يحسن يكتب - فكتب) لبيان أن قوله: (أرني إياها) أنه ما احتاج إلى أن يريه موضع الكلمة التي امتنع علي من محوها، إلا لكونه كان لا يحسن الكتابة، وعلى أن قوله بعد ذلك: فكتب) فيه حذف تقديره: فمحاها فأعادها لعلي فكتب، وبهذا جزم ابن التين، وأطلق (كتب) بمعنى: (أمر بالكتابة)، وهو كثير، كقوله: كتب إلى قيصر، وكتب إلى كسرى) (٢).

والذي يبدو أن بعض القائلين بإتقان النبي - صلى الله عليه وسلم - الكتابة، إنما أراد أنه أتقنها للحظة واحدة، وهي تلك اللحظة التي أمسك فيها بكتاب صلح الحديبية من علي، ومحا وغير، وأن ذلك إنما كان على سبيل جريان المعجزة الخارقة على يديه - عليه الصلاة والسلام -، أو أنه إنما كتب اسمه فقط، رغم كونه أميا، كعادة الكثير من الأميين، الذين يعرفون رسم أسمائهم، ولكن لو طلب إليهم أن يكتبوا غير ذلك لما استطاعوا، فلا يخرجهم ذلك عن كونهم أميين، لا يجيدون


(١) السلسلة الضعيفة للألباني ١/ ٣٤٩، الطبعة الثانية، ١٣٩٩ هـ المكتب الإسلامي، بيروت.
(٢) فتح الباري ٧/ ٥٦٧.