للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الحديثين الأخيرين إشارة واضحة إلى مشروعية تعليم النساء الكتابة، فكيف - إذن - بمن هم فحول الرجال وشم الأنوف؟

ويبقى - هنا - سؤال مفاده:

إننا نلحظ إصرارا بالغا من الوحي - بشقيه: الإلهي، والنبوي - على إعلاء شأن القلم، والتوكيد على دوره البارز في مسيرة الحياة، والأمر بضرورة تقييد العلم عن طريق كتابته لتحفظ رسومه، والحض على تعلم فن الكتابة من قبل كافة المسلمين، رجالهم ونسائهم.

فهل كان هذا كله، من أجل محو صبغة (الأمية) عن هذه الأمة؟

أبدا، إن هذه الأمة كانت (أمية) قبل انتشار الكتابة فيها، وظلت أمية بعد ذيوع هذا الفن بين أبنائها، وستظل أمية إلى قيام الساعة.

وانتشار مهارة الكتابة لن يقدم - في هذه المسألة - شيئا ولن يؤخر؛ لأن (الأمية) هي الصبغة التي اختارها الله صفة لازمة لهذه الأمة، لا تزول عنها أبد الدهر ولا تحول، ففيها من أسرار الدلالات، ما يرفع من مقام هذه الأمة، ويذهب بها مقاما عليا:

قال تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} (١).

هل كان من فداء أسرى بدر تعليمهم صبيان المسلمين الكتابة؟


(١) سورة البقرة الآية ١٣٨