للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (١).

وفي هذه الآية الثانية من السورة صورة من صور قدرة الله التي ختم بها الآية الأولى، وحين تستقر هذه الصورة في قلب بشري يتم فيه تحول كامل في تصوراته ومشاعره، واتجاهاته وموازينه وقيمه في هذه الحياة جميعا، إنها تقطعه عن شبهة كل قوة في السماوات والأرض وتصله بقوة الله، وتيئسه من مظنة كل رحمة في السماوات والأرض وتصله برحمة الله، وتوصد أمامه كل باب في السماوات والأرض وتفتح أمامه باب الله، وتغلق في وجهه كل طريق في السماوات والأرض، وتشرع له طريقه إلى الله.

ورحمة الله تتمثل في مظاهر لا يحصيها العد، ويعجز الإنسان عن مجرد ملاحقتها وتسجيلها في ذات نفسه وتكريمه بما كرمه، وفيما سخر له من حوله ومن فوقه ومن تحته، وفيما أنعم به عليه مما يعلمه ومما لا يعلمه وهو كثير.

ورحمة الله تتمثل في الممنوع تمثلها في الممنوح، ويجدها من يفتحها الله له في كل شيء، وفي كل وضع، وفي كل حال، وفي كل مكان، يجدها في نفسه، وفي مشاعره، ويجدها فيما حوله، وحيثما كان، وكيفما كان. ولو فقد كل شيء مما يعد الناس فقده هو الحرمان. . ويفتقدها من يمسكها الله عنه في كل شيء، وفي كل وضع، وفي كل حالة، وفي كل مكان. ولو وجد كل شيء مما


(١) سورة فاطر الآية ٢