للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوته، فهذا أقوى المراتب وأرفعها وأفضلها.

الثانية: أن لا يكون فيه لا هذا ولا هذا، فهو أخس المراتب، وأردأ الخلق، وهو جدير بكل خذلان وبكل حرمان.

الثالثة: مرتبة من فيه صبر بالله، وهو مستعين متوكل على حوله وقوته، متبرئ من حوله هو وقوته، ولكن صبره ليس لله؛ إذ ليس صبره فيما هو مراد الله الديني منه، فهذا ينال مطلوبه ويظفر به، ولكن لا عاقبة له، وربما كانت عاقبته شر العواقب.

الرابعة: من فيه صبر لله لكنه ضعيف النصيب من الصبر به، والتوكل عليه، والثقة به والاعتماد عليه، فهذا له عاقبة حميدة، ولكنه ضعيف عاجز (١).

وإن حصل مع الصبر على المصائب رضى وشكر فإنه أعظم للأجر، فالرضى بالقضاء الكوني القدري الجاري على خلاف مراد العبد ومحبته، مما لا يلائمه ولا يدخل تحت اختياره، مستحب وهو من مقامات أهل الإيمان، بخلاف الرضى بالقدر الجاري عليه باختياره، مما يكرهه الله ويسخطه وينهي عنه، كالظلم والفسوق والعصيان، فإن هذا حرام يعاقب عليه، وهو مخالفة لله تعالى (٢). وكذلك الشكر؛ حيث إن الله أمر به وأثنى على أهله ونهى عن ضده، من ذلك قوله تعالى عن إبراهيم في دعوة قومه: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (٣).


(١) مدار السالكين ٢/ ١٧٧.
(٢) انظر مدارج السالكين: ٢/ ٢٠٢.
(٣) سورة العنكبوت الآية ١٧