للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الردة، وهذه السمة لازمة لهم إلى يومنا هذا، وكانوا سبوا نساءهم وذراريهم ولو لم يكونوا مرتدين لما سار فيهم هذه السيرة، وذلك شيء لم يختلف فيه الصدر الأول ولا من بعدهم من المسلمين؟ أعني في أن القوم الذين قاتلهم أبو بكر كانوا أهل ردة، فالمقيم علي أكل الربا إن كان مستحلا له فهو كافر، وإن كان ممتنعا بجماعة تعضده سار- فيهم الإمام بسيرته في أهل الردة إن كانوا قبل ذلك من جملة أهل الملة وإن اعترفوا بتحريمه وفعلوه غير مستحلين له قاتلهم الإمام إن كانوا ممتنعين حتى يتوبوا، وإن لم يكونوا ممتنعين ردعهم عن ذلك بالضرب والحبس حتى ينتهوا.

وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل نجران، - وكانوا ذمة نصارى: «إما أن تذروا الربا وإما أن تأذنوا بحرب من الله ورسوله»، وروى أبو عبيد القاسم بن سلام قال: حدثني أيوب الدمشقي، قال: حدثني سعدان بن يحيى، عن عبد الله بن أبي حميد، عن أبي مليح الهذلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح أهل نجران فكتب إليهم كتابا في آخره: «على أن لا تأكلوا الربا، فمن أكل الربا فذمتي منه بريئة»، فقول الله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (١) عقيب قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} (٢)، هو عائد عليهما جميعا من رد الأمر


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٩
(٢) سورة البقرة الآية ٢٧٨