للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طلب النقد لغير ما وضع له ظلم) (١) اهـ.

بعد هذا نستطيع القول أن لجريان الربا في النقدين أكثر من معنى موجب لذلك، وأن من أبرز المعاني في جريانه فيهما كونهما محلا للظلم والعدوان، وأخذ أموال الناس بالباطل، ولما يحصل للعباد من ارتباك واضطراب في معاملاتهم، حينما يتخذ النقدان سلعا تباع وتشترى، فيطرأ عليهما ما يطرأ على السلع من ارتفاع في القيمة، أو انخفاض تبعا لطبيعة العرض والطلب، والعدم والوجود، حيث تفسد بذلك ثمنيتهما على العباد، فيقعون في ضرر بالغ واضطراب مخل. ولا شك أن ما حل محلهما في الثمنية كالأوراق النقدية أو الفلوس، تتحقق فيه هذه المعاني، فيجري فيه الربا كجريانه فيهما، إذ كل ثمن محل للظلم والعدوان، وإيقاع الناس في ارتباك واضطراب، حينما يتخذ ذلك الثمن سلعة تباع وتشترى، والحال أنه معيار لتقويم السلع وتقديرها. فتحريم الربا في النقدين وما حل محلهما في الثمنية دفع لهذه المفاسد، وهذه حكمة ذلك ومقتضاه.


(١) ج ٣ من تفسير المنار، ص١١٠ - ١١٢.