للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكرمه وميزه على سائر المخلوقات، فأعطاه المفتاح الذي يفتح به أبواب الملكوت، ويدخل ساحة الإيمان بالله الذي سخر للإنسان كل ما في السماوات والأرض. ولذلك امتن الله تعالى على الناس بهذا العقل، وجعله موضوع المسئولية، فقال سبحانه:

{قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} (١)، {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (٢).

ولذلك جعل الله تعالى العقل مناط التكليف وسببا له، فالخطاب الشرعي لا يتوجه إلا للعاقل، لأن العقل أداة الفهم والإدراك، وبه تتوجه الإرادة إلى الامتثال. ولذلك قال بعض السلف: " العقل حجة الله على جميع الخلق ".

ومن هنا جاءت أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ترفع القلم- أي التكليف والمؤاخذة (٣) - عمن فقدوا مناط التكليف، وهو العقل بسبب الجنون أو ما يأخذ حكمه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم (٤)».


(١) سورة الملك الآية ٢٣
(٢) سورة الإسراء الآية ٣٦
(٣) انظر: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، للقاري: ٦/ ٢٨٨ - ٢٩١، عون المعبود: ١٢/ ٧٢، ٧٣.
(٤) أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود، وصححه ابن خزيمة، والحاكم، وابن حبان. وانظر: صحيح الجامع الصغير للألباني، برقم (٣٥١٢).