للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القطع، وما كان كذلك فليس هو مجالا للاجتهاد، فهو مخطئ من جهة طريقه ومن جهة النتائج التي توصل إليها، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة: منها قوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (١) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (٢) فإن هؤلاء يجهلون كون هذا الكلام كفرا ومع ذلك حكم عليهم بالكفر ومنها قوله سبحانه وتعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (٣) فاستحقوا العذاب في النار، وسبب ذلك أنهم لا يسمعون ولا يفهمون ما يقال لهم فهم جاهلون.

ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا تهوي به في جهنم سبعين خريفا (٤)» والشاهد من هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يلقي لها بالا» أي أنه جاهل بما توجبه هذه الكلمة ومع ذلك استحق ما يتعلق بها من وعيد، فجهله بما توجبه هذه الكلمة لم يكن له عذرا منجيا من الوعيد المستحق عليها.

وقالت طائفة: إن المخطئ في باب الاعتقاد معذور ولا يلزمه شيء لا في الدنيا ولا في الآخرة واستدلوا على ذلك بعدة أدلة منها قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا


(١) سورة التوبة الآية ٦٥
(٢) سورة التوبة الآية ٦٦
(٣) سورة الملك الآية ١٠
(٤) أصله في البخاري كتاب الرقاق باب حفظ اللسان.